كتب ديداكتيك اللغة العربية
لمقبلي على التسجيل لمباريات التوظيف في القطاع التعليم الخاص والعام, اليكم كتابين مهمين في وحدة الديداكتيك لمادة اللغة العربية سواءا لأصحاب التخصص أ و التعليم الإبتدائي.
الكتاب الأول من أجل التحميل الضغط هنا
الكتاب الثاني من أجل التحميل الضغط هنا
لكن هل يمكن القول: إنَّ اللغة آلية ووعاء للتعبير عما تمَّ إنتاجه في مرحلة التفكير باللغة؟ وهل اللغة منهج للتعبير؟
عندما يتكلَّم الإنسان، فهو يستعمل ألفاظًا وجملًا، وعلى هذا المنوال يمكن القول: إنَّ اللغة نظام للتعبير؛ فالإنسان العادي يعبِّر عن أفكاره باللغة، هذه الوظيفة وظيفة اتصالية؛ لأنَّ المتكلم المعلم في تعليمه للغة يراعي نوعية المتعلم؛ لأنه يريد التأثير فيه، كما يراعي في مستوى الكتابة نوعيَّةَ القرَّاء المستهدفين للغرض نفسه؛ هكذا نرى أن اللغة كنظام للتعبير، غير بعيدة عن اللغة كنظام للاتصال"[15].
إذًا، يمكن القول: إنَّ المنهج التعبيري يوازي الوظيفة التواصلية للغة، بينما منهج التفكير والإدراك اللغوي يوازي الكفاءة التأملية أو الغنوصية للغة؛ "لتكون العلاقة بين الكفاءة اللغوية والتواصلية مهمة جدًّا في المرحلة الأساسية التي هي التعلم، في حين تكون الكفاءة اللغوية عفوية ومرنة؛ بحيث إنَّها تصحح التلاعب بنظام اللغة اعتمادًا على مقاييس اللغة الأم، أمَّا الكفاءة التواصلية، فهي تنطوي على مبادئ مناسبة من الاستعداد واللياقة من جانب المتعلِّم لاستخدام إستراتيجيات ذات صلة تداولية، في التعامل مع حالات خطابية معينة، في إطار تعليم اللغة العربية، سواء للناطقين بها أو بغيرها".
ويمكن القول مما سبق: إنَّ الكفاءة اللغوية أساس الكفاءة التواصلية، ولا تتحدَّد كينونة ووجودية الكفاءة التواصلية في غياب الكفاءة اللغوية، ومع ذلك لا يمكن القول: إنَّ الكفاءة التواصلية نتاج تلقائي عن الكفاءة اللغوية؛ إذ تحدِّدها مجموعة من العوامل المتاخمة للطرف اللغوي، لكن هذا الأخير يعتبر العنصر المهم في تكوينها.
وبشكل أكثر دقَّة يجوز القول: إنَّ الكفاية التواصلية في منهجها تعتمد على التطوُّر الوظيفي للغة وليس التركيبي، من خلال منح المتعلمين طرق استثمار اللغة واستخدامها، وليس دراستها والتركيز على مكوناتها؛ لأن هذا يتم تدارسه في مستوى آخر من مستويات الدرس اللغوي.
وفي إطار تداولي تكون الطريقة الوظيفية - التواصلية - في جوهرها بديلًا للطريقة التركيبية من منظور شمولي مقارباتي لموضوع التدريسية، ويتم في هذا المستوى - المستوى الوظيفي للغة - سحب "أندري مارتيني" في الاتجاه الوظيفي، الذي أقرَّ أن هناك مجموعة من الوظائف اللغوية، لكن الوظيفة التواصلية هي أعلى وأهم وظيفة في سيرورة اللغة، ويتم التساهل مع الأخطاء اللغوية؛ حيث يتم التركيز في الأداء اللغوي التواصلي - في إطار تدريس اللغة العربية - على الطلاقة اللغوية، والتركيز عليها أكثر من الدقَّة في استخدام التراكيب النحوية؛ لذلك يتم الاستناد في هذا التصور على التطور الوظيفي والتداولي للغة، وليس التطور الهيكلي.
وهذا ما يجعل كل التصورات التربوية الحديثة تولي في الصفِّ الدراسي مركزية أكثر للمتعلم منه للمعلم.
وفي إطار هذا الأخذ والرد يجوز القول: إن اللغة ليست شيئًا جامدًا؛ بل نظام متحرِّك متناسل ومتنامٍ، على المستويين الفردي والجماعي.
لكن في عملية تعليم اللغة تفرز لنا البنية الممارساتية الصفية بعضَ التقاطعات؛ حيث إنَّ الأفكار التي تكون في ذهن المعلِّم لا توافق الأفكار التي تكون في ذهن المتعلم، على الرغم من التشابه الحاصل في بنية الإدراك، لكن ما يحدث من اختلاف عائدٌ لا محالة إلى الاختلاف في البنية الإبستمولوجية لكل منهما، وهذا هو بيت القصيد؛ إذ ما يحكم طبيعة هذه العلاقة في بُعدها البيداغوجي وما يطبعها هو الاختلاف والتباين في المعارف والخبرات؛ وهذا هو الباعث الذي يهيِّئ أرضيَّة خصبة لينبلج تعلُّم ناجع وفعال، يستجيب لكل الشروط التربوية.
إنَّ الغاية الأساسية من تدريس اللغات، هي "إرساء نظام لغوي في الذِّهن، وإقامة اللسان كملَكة لغوية سليمة وتجنُّب اللحن في الكلام، حتى إن استمع المتكلِّم أو قرأ أو كتب، كان ذلك بأسلوب سليم، واضح العبارة.
إن تعلم اللغة العربية إذًا هو عملية ذهنية واعية، هدفها بناء ملَكة لغوية واضحة النسق؛ لاكتساب السيطرة والتحكُّم في المستويات الصرفية والتركيبية والصوتية والدلالية والمعجمية، لامتلاك نسق لغوي متين، من خلال دراسة هذه المكونات وتحليلها، بوصفها محتويات معرفية بالأساس.
فتعلُّم اللغة يستند بالضرورة والأساس على الفهم والإدراك الواعيين لنظام اللغة؛ كشرط للتمكن منها وإتقانها، إذًا يجب - من منظور منهجي في تعلم اللغات - على الكفاية المعرفية المتصلة بكل المكونات اللغوية، أن تسبق الأداء اللغوي الواعي، وأن تكون محددة وشرطًا لحدوثه"[16].
وفي خضمِّ الحديث عن الكفاية المعرفية، في إطار تدريسية اللغات "يلزمنا التمييز بين الكفاية التواصلية متعددة اللغات، مقابل الكفاية التواصلية أحادية اللغة... ففي إطار التعدد اللغوي، تحدد الدراسات الحديثة الكفاية متعددة اللغات؛ على أنَّها مجموعة من المعارف والقدرات، التي تمكن من شحذ موارد السجل اللغوي للمتعلمين، فهي كفاية تواصليَّة متعددة اللغات، تركِّز على معارف ومهارات فعلية متنوعة، وتتميز بالشمولية والدمج بين اللغات المكونة لها؛ كما هو وارد عند (كوسط Coste)، في مقابل التصور التقليدي، الذي يرى أنَّ الكفاية التواصلية التي يكتسبها المتعلم في اللغة الأولى بالمدرسة هي كفايات تُضاف إلى الكفاية التواصلية في اللغة الأم، وأن الكفاية التواصلية في اللغة الأجنبية تُضاف إلى لغة المدرسة الأولى.
ففي هذا التصور الحديث ما يطبع الكفاية متعددة اللغات؛ ليس هو تجميعًا لمجموعة من الكفايات في لغات متعددة، بل هناك دمج، أو على الأقل ربط وتعالق بين مختلف مكونات هذه الكفاية، وليس التناظر هو ما يطبع مكونات الكفاية؛ بل الاختلاف بين تلك المكونات، فهي كفاية تشتمل على قدرات مختلفة، وتتميز بعدم التوازن بين مختلف السجلات اللغوية"[17].
وبناء على ما سبق: تكون الكفاية "متعددة اللغات" - ككفاية معرفية - إذًا لا تَنبني على معرفة أحادية؛ نظرًا لطابعها التعددي، بل تمنح من تنوُّع في المعارف وتلون في القدرات، تغني المعجم اللغوي للمتعلمين؛ بتركيزها على معارف فعلية بالأساس، تؤطرها شمولية في بناء مكوناتها المندمجة كما يرى (كوسط).
وعلى هذا الأساس تتجاوز هذه الكفاية منطق الكمِّ والتجميع والتخزين، إلى منطق الكيف والتعالق بين المكونات التي تحدد الكفاية؛ حيث نرصد تجلياتها المفرزة، ملموسة في الفعل التعليمي التعلمي.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/literature_language/0/107431/#ixzz6Gy9WuWJs
تعليقات
إرسال تعليق