القائمة الرئيسية

الصفحات

                       سيرة الشيخ العلامة عبد الحميد كشك





الشيخ عبد الحميد كشك من أكثر الدعاة والخطباء شعبية في الربع الأخير من القرن العشرين وقد وصلت شعبيته إلى درجة أن المسجد الذي كان يخطب فيه خطب الجمعة حمل اسمه ، وكذلك الشارع الذي كان يقطن فيه بحي حدائق القبة . ودخلت الشرائط المسجل عليها خطبه العديد من بيوت المسلمين في مصر والعالم العربي.

والشيخ عبد الحميد كشك ولد بمصر عام 1933م في قرية شبرا خيت من أعمال محافظة البحيرة بجمهورية مصر العربية . وبسبب المرض فقد نعمة البصر . وقد ولد في أسرة فقيرة وكان أبوه بالإسكندرية وحفظ القرآن الكريم ولم يبلغ الثامنة من عمره ،وحصل على الشهادة الابتدائية ، ثم حصل على الشهادة الثانوية الأزهرية بتفوق والتحق بكلية أصول الدين وحصل على شهادتها بتفوق أيضًا .

وفي أوائل الستينيات عين خطيبًا في مسجد الطيبي التابع لوزارة الأوقاف بحي السيدة بالقاهرة ومثل الأزهر في عيد العام عام 1961، وفي عام 1964 صدر قرار بتعيينه إمامًا لمسجد عين الحياة بشارع مصر والسودان في منطقة دير الملاك بعد أن تعرض للاعتقال عام 1966 خلال محنة الإسلاميين في ذلك الوقت في عهد الرئيس جمال عبد الناصر . وقد أودع سجن القلعة ثم نقل بعد ذلك إلى سجن طرة وأُطلق سراحه عام 1968. وقد تعرض لتعذيب وحشي في هذه الأثناء ورغم ذلك احتفظ بوظيفته إمامًا لمسجد عين الحياة .

وفي عام 1972 بدأ يكثف خطبه وزادت شهرته بصورة واسعة وكان يحضر الصلاة معه حشود هائلة من المصلين . ومنذ عام 1976 بدأ الاصطدام بالسلطة وخاصة بعد معاهدة كامب ديفيد حيث اتهم الحكومة بالخيانة للإسلام وأخذ يستعرض صور الفساد في مصر من الناحية الاجتماعية والفنية والحياة العامة . وقد ألقى القبض عليه في عام 1981 مع عدد من المعارضين السياسيين ضمن قرارات سبتمبر الشهيرة للرئيس المصري محمد أنور السادات ، وقد أفرج عنه عام 1982 ولم يعد إلى مسجده الذي منع منه كما منع من الخطابة أو إلقاء الدروس .

رفض الشيخ عبد الحميد كشك مغادرة مصر إلى أي من البلاد العربية أو الإسلامية رغم الإغراء إلا لحج بيت الله الحرام عام 1973م. وتفرغ للتأليف حتى بلغت مؤلفاته 115مؤلفًا ، على مدى 12 عامًا أي في الفترة ما بين 1982 وحتى صيف 1994، منها كتاب عن قصص الأنبياء وآخر عن الفتاوى وقد أتم تفسير القرآن الكريم تحت عنوان ( في رحاب القرآن ) ، كما أن له حوالي ألفي شريط كاسيت هي جملة الخطب التي ألقاها على منبر مسجد ( عين الحياة ) . وكان للشيخ كشك بعض من آرائه الإصلاحية لللأزهر إذ كان ينادي بأن يكون منصب شيخ الأزهر بالانتخابات لا بالتعيين وأن يعود الأزهر إلى ما كان عليه قبل قانون التطوير عام 1961 وأن تقتصر الدراسة فيه على الكليات الشرعية وهي أصول الدين واللغة العربية والدعوة ، وكان الشيخ عبد الحميد يرى أن الوظيفة الرئيسية للأزهر هي تخريج دعاة وخطباء للمساجد التي يزيد عددها في مصر على مائة ألف مسجد . ورفض كذلك أن تكون رسالة المسجد تعبدية فقط ، وكان ينادي بأن تكون المساجد منارات للإشعاع فكريًا واجتماعيًا .

وقد لقي ربه وهو ساجد قبيل صلاة الجمعة في 6/12/1996 وهو في الثالثة والستين من عمره رحمه الله رحمة واسعة .



align=center][ ]
سيدي أبا القاسم؛ يا رسول الله، صلى عليك الله يا علم الهدى ما هبت النسائم، وما ناحت على الأيك الحمائم.
أما بعد فيا حُماة الإسلام وحراس العقيدة " ...

هذه هي العبارات التي كان يختتم بها مقدمة خطبته في كل مرة يقف فيها على منبر الحق يدافع عنه ويبينه للناس الذين التفوا حوله بآذان مذعنة وقلوب مصغية وكلهم ولع لمعرفة الحق ولهم نفوس تهيج بحب الله والدفاع عن دينه.

لو جلست في حلقته لشعرت بكلماته تهزك هزًا وعباراته تدفعك لتسابقها و تعرف ما يليها ! فأي خطيب مفوّه هو؟ وأي أسلوب خطابي فريد امتاز به و لم يسبقه إليه أحد ؟

إن كان الحديث عن فن الخطابة فلا بد أن يكون اسمه على رأس اللائحة يتوّجها ببريقه الذي يعرفه الجميع، فمن الذي لم يسمع عن الخطيب الشيخ عبدالحميد بن عبدالعزيز بن محمد كشك -رحمه الله-؟؟!!

الشيخ عبد الحميد كشك رهين المحبسين(العمى والبيت)،

الشيخ الذي كانت كلمته سوطًا يسلطه على أذيال الغرب وال**انية الطغاة، فما خاف في الحق لومة لائم! وما أثناه عن قوله حب مال أو جاه أو سلطان، بل رضي بما قسم له ربه وسخر نفسه لنصرة الحق وإن كان الثمن حريته أو حتى حياته!

فمن أين لنا بخطيب مثله، يحدثنا بما يخفف عنا آلامنا ويزيل أحزاننا ويرشدنا إلى طريق الحق ويدلنا على ما فيه صلاحنا وفلاحنا في دنيانا وأخرانا.

الشيخ الذي كانت خطبه ثرية بالحديث والسيرة ومواقف الصحابة تتخللها عبارات تشد السامع وترسو به على شاطيء الذكر حين يدعوه إلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو أن يذكره بالخالق الواحد الأحد!

ومع ما امتازت به خطبه من المواضيع الجدية إلا أنها لم تخلو من الفكاهة والدعابة التي تدفع عن المستمع الملل والسآمة فكان أسلوبه ذكيًا محنّكا يأسر القلوب ويشد العقول لتعي ما يخاطبها به.

لقد حفظ الشيخ عبد الحميد كشك-رحمه الله- القرآن قبل سن العاشرة وصعد المنبر لأول مرة وهو في السادسة عشرة من عمره قبل أن يفقد بصره بعامٍ واحد، وبدأ مسيرته الدعوية في سن مبكرة واستمر جهاده وهو يعتلي المنابر 35 عامًا ترى ثمراتها في مصر والشام والمغرب العربي وبلاد أخرى كثيرة تأثر أهلها بخطبه وحديثه.

فلله درك يا مصر ماذا أنجبت لهذه الأمة؟! داعية فاقد البصر لكن ببصيرته أنار العالم الإسلامي!! فارسًا يمتطي المنبر ويجاهد في معركة الحق تلذع كلماته الطغاة الظالمين.

ذاك الرجل الذي كان ينقل المستمع من هناك إلى هنا وما أدراك ما هنا؟ هنا مدرسة محمد!

تعليقات